زيادة إنتاج العراق من النفط خلال العقود القادمة

على الرغم من عقود الحرب والاضطرابات الأهلية ومؤخرا، تعديل النظام بأكمله، شقّت العراق طريقها لتصبح ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم.

وفي الوقت الذي تزداد فيه الاستثمارات الأجنبية والوطنية، فمن المتوقع أن تشرع البلاد في مسار التوسع الاقتصادي السريع الذي سيعيد تشكيل مستقبل أسواق الطاقة العالمية بشكل كبير.

ومع زيادة أنشطة الاستكشاف والبناء ودخول المجتمع المتنامي لشركات الخدمات في  المراحل المتعددة لسلسة توريد النفط والغاز، فمن المتوقع ارتفاع إنتاج البلاد من النفط.

ومن المتوقع أن يمثل نمو الإنتاج المحلي للنفط حوالي 45٪ من النمو المتوقع في الناتج العالمي لعام 2035، استنادا إلى تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) السنوي الخاص بتوقعات الطاقة العالمية والذي يركزّ على العراق هذا العام.

قالت ماريا فان دير هوفن، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في المؤتمر الصحفي الذي أعلن تقرير الوكالة “وبسبب مواجهة احتمال ارتفاع استهلاك النفط علينا أن نسأل من أين تأتي إمدادات النفط الإضافية. ويمكنني أن أؤكد لكم أنه من الصعب جدا الإجابة على هذا السؤال بدون العراق.”

ومن المقدّر أن العراق تمتلك خامس أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، ولكن يمكن أن يتغير ذلك بسهولة خلال السنوات المقبلة.

قال الدكتور فاتح بيرول، الاقتصادي الرئيسي بوكالة الطاقة الدولية والمؤلف الأساسي للتقرير “إن العراق هي واحدة من أكثر الدول غير المكتشفة في العالم، فلا توجد أنشطة استكشافية منذ عقود.” وتابع قائلا “والأهم من  ذلك، فإن تكاليف إنتاج النفط والغاز هي من بين أدنى المعدلات في العالم.” سيستمر انخفاض تكاليف الإنتاج بالإضافة إلى إنتاجية البئر القوية والنفط عالي الجودة في جذب المزيد من المستثمرين إلى السوق العراقي.

تخطط الحكومة الاتحادية العراقية لاستثمار 14 مليار دولار في قطاع المنبع في البلاد في عام 2013، مقارنة ب 7 مليارات دولار تم استثمارها عام 2012، و3 مليارات دولار في عام 2011.

يتوقع تقرير الوكالة الدولية للطاقة أن إنتاج النفط الخام العراقي سيتضاعف إلى 6.1 مليون برميل يوميا بحلول عام 2020. كما يشير التقرير إلى أن العراق قد تكسب ما يُقدر ب 5 تريليون دولار كإيرادات من الصادرات بين عامي 2012 و 2035، أي بمتوسط 200 مليار دولار سنويا.

مثل هذا النمو الكبير سيفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمارات في قطاعات أخرى داخل الاقتصاد والمجتمع العراقي – وخاصة في البنية التحتية والنقل والتعليم ونظم الاتصالات. وهذا في حد ذاته سيقدم إمكانيات اقتصادية جديدة للأجيال المستقبلية في العراق وربما سيعيد تشكيل اقتصادها ليصبح أقل اعتمادا على صادرات النفط، التي تمثل حاليا أكثر من 75٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

انخفض إنتاج النفط من 3.5 مليون برميل يوميا قبل اندلاع الحرب بين إيران والعراق، إلى أقل من 1.0 مليون برميل يوميا في أوائل الثمانينات، ثم بدأ يصعد ببطء فقط إلى أقل من 3.0 مليون برميل يوميا قبل اندلاع حرب الخليج الأولى عام 1991 حينما انخفض الإنتاج إلى أقل من 0.5 مليون برميل يوميا. ارتفع إنتاج النفط مرة أخرى حتى بدأت حرب العراق عام 2003، ولكن تأثير هذا كان أصغر نسبيا وارتفع الإنتاج ثانية إلى أكثر من 3.0 مليون برميل يوميا، أي بزيادة قدرها أكثر من 40٪ على مدار السنوات الخمس الماضية.

لكن العراق لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه. فالحروب التي أضعفت إنتاج العراق من النفط في الماضي دمرت أيضا مجتمعها واقتصادها وبنيتها التحتية. وإلى جانب ذلك، تمثل تكاليف الأمن مشكلة بالنسبة لكثير من المستثمرين وعائقا أمام آخرين. فغالبا ما يمكن للنقل أن يتحول إلى كابوس لوجستي كما أن توليد الطاقة والتسليم غير جديرين بالثقة في أحسن الأحوال.

تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن العراق سوف تحتاج إلى الاستثمار في الطاقة المتراكمة بأكثر من 530 مليار دولار في سيناريو التخطيط المركزي الخاص بها، أي ما يعادل أكثر من 10٪ من الإيرادات المتوقعة من صادرات النفط والغاز. وسوف يكون هذا الاستثمار أهم استثمارا طوال العقد الحالي ولكن يمكن أن تؤجله وتيرة التحديث داخل الإطار القانوني العراقي.

قال الدكتور بيرول “إن التطورات في قطاع الطاقة العراقي هي مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل البلاد وكذلك بالنسبة لازدهار الاقتصاد العالمي. ولكن لا يمكن ضمان النجاح، وإن الفشل في تحقيق الزيادة المتوقعة في حجم المعروض النفطي في العراق من شأنه أن يضع أسواق النفط العالمية في طريق الاضطرابات.”

سيكون الدافع وراء معظم الزيادات في إنتاج النفط في العراق هو الحقول العملاقة في الجنوب، ولا سيما حول حقلي غرب القرنة والرميلة، ولكن يتجه الاهتمام أيضا إلى منطقة كردستان في شمال العراق، والتي أصبحت واحدة من أكثر المناطق المستكشفة في العالم.

تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الموارد غير المكتشفة في العراق تأتي في إطار أقل بقليل من 215 مليار برميل وهو الرقم الذي توقعته وزارة النفط العراقية في 2010. وهذا يعني أن العراق قد أنتجت أقل من 15٪ من مواردها النفطية النهائية القابلة للاسترداد.