قطر تنسحب من منظمة “أوبك”.. النتائج والأسباب

كتبت: يارا السامرائي – 5 ديسمبر 2018
قررت دولة قطر الانسحاب من منظّمة الدول المُصدِّرة للنفط “أوبك”، وسلمت خطاب رسمي للأمين العام للمنظّمة “محمد باركيندو” يتضمن قرار إنسحابها من عضويّة المنظّمة.
وكان وزير الدولة لشئون الطاقة في قطر “سعد الكعبي” قد صرح بأن قطر ستنسحب من منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” إعتبارا من يناير/ كانون الثاني 2019، وأن قطر أبلغت المنظمة بهذا القرار. وأكد الوزير أن قرار الانسحاب من المنظمة جاء بعد مراجعة قطر لإطار تحسين دورها العالمي والتخطيط لاستراتيجية طويلة الأجل.
ويتماشي طلب قطر الانسحاب من عضوية المنظمة مع نص المادة الثامنة من قانون إنشاء المنظمة الذي يكفل لكلّ دولة عضو حق الإنسحاب. وسوف تشهد بداية شهر يناير/ كانون الثاني 2019 تنفيذ قرار انسحاب قطر من المنظّمة، متزامنًا مع بداية تنفيذ “أوبك” لاتّفاق تخفيض إنتاج النّفط، بواقع 1.2 مليون برميل يوميًّا والذي أكدت فيه المنظمة إلتزامها الكامل بتحقيق واستدامة التوازن والاستقرار في سوق البترول العالمي.
ويبدو أن الدوافع السياسية والخلافات بين قطر وجيرانها الخليجيين خاصة السعودية والإمارات العربية تكمن وراء اتّخاذ قطر لقرار الانسحاب من عضوية المنظمة. وكانت السعودية ومعها الإمارات والبحرين ومصر قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في 5 حزيران/يونيو 2017، بسبب ما ذكر عن دعم قطر لتنظيمات متطرفة في الشرق الأوسط، وهو ما تنفيه قطر. وزاد الأمور تعقيدا ما ألمحت إليه بعض المصادر من أن صدور قرار الإنسحاب كان رد فعل لتهميش الدور القطري في إستصدار القرار بخفض الإنتاج دون الرجوع إليها خلال إجتماع المنظمة بفيينا.
لكن التفسير الرسمي لقرار الإنسحاب يبدو من تصريحات وزير الطّاقة القطري “سعد الكعبي” بأن القرار كان بسبب “رغبة دولة قطر في تركيز جهودها على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخراً لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال”. وكانت قطر التي تعتبر أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم قد أعلنت في شهر يوليو 2017 عزمها علي زيادة إنتاجها من الغاز في حقل الشمال من 77 إلى 100 مليون طن سنويا أي بنسبة 30%.
ومن جانبه، يري محمد حسن سالم، المحلّل الإقتصادي ورئيس “مركز الشرق الأوسط لمعلومات الطاقة” أن انسحاب قطر من منظّمة الدول المُصدِّرة للنفط “أوبك” كان مفاجأة للجميع لانه ينهي تعاون قطر مع باقي دول المنظمة بعد عضوية ترجع لعام 1961 ودامت لنحو ستة عقود من الزمن. وبرغم قرار الإنسحاب المشار إليه، لكنه ليس هناك ما يحول دون رجوع قطر لعضوية منظمة أوبك في المستقبل مثلما فعلت بعض الدول مثل أندونيسيا في السابق.
كما يري “سالم” بأنه في ظل الخلافات التي تسيطر علي العلاقات السياسية بين قطر وبعض جيرانها من ذوي النفوذ في منظمة أوبك وخاصة السعودية والإمارات العربية، فليس من المستبعد أيضاً أن تقطع قطر كل أشكال التعاون مع المنظمة وقراراتها في الوقت الذي تسعي فيه المنظمة لجمع شمل مصدري النفط من داخل وخارج المنظمة في بوتقة واحدة لجعلهم يتضامنون مع قراراتها بخفض الإنتاج لتحسين الأسعار.
ولكنه بالنظر لضآلة حجم الصادرات النفطية لقطر قياساً بالدول الأخري الأعضاء في أوبك، فمن المستبعد أن يكون لخروجها تأثير كبير علي توجيه قرارات المنظمة، أو يكون للقرار تأثير علي سعر النفط في السوق العالمي.
ويستبعد “سالم” أن يكون للقرار في الوقت الراهن تأثيرات سلبية محتملة علي الإقتصاد القطري الذي يركز في إستراتيجيته بعيدة المدي علي إنتاج وتصدير الغاز المسال في المقام الاول. فقد ساهمت إيرادات الغاز لقطر في جعلها واحدة من أغنى دول العالم قياساً بالدخل الفردي، وسهلت لها الفوز باستضافة الدورة المقبلة لكأس العالم لكرة القدم في عام 2022.